سمعتُ بموت شقيّ من مخيّمنا

سبتمبر 17, 2020


سمعتُ بموت شقيّ من مخيّمنا


.
1**سمعتُ بموت صاحب من مخيمنا ،،ولا أدري كيف شعرتُ ،،لقد مرّ في ذهني شريط حياته وشريطنا ،،تذكرته وهو يقف في المطر على الباب يمسك حبل خيمته ،،ينظر لا أدري إلام ينظر ،، صافنا كأنّه لا ينظر إلى شيء ،،،فالفقير وهو يرى بؤسه ،تُرخي عينُه ستارة كي لا يطول تركيزه في ألمِه ،،

..نحن نرحم أنفسنا ولو كنّا في جهنم نفسها ،،

..وأذكُره وهو يصيد العصافير بين قصب الذرة ،،فيقطع رأسه وينتف ريشه ويشعل نارا ويُقلّبه عليها ،،،ثم يمضغه !!

،،ويذهب إلى بيته ليسهر مع أمّه وأخته تحت نقط المطر التي تتسرب من الشقوق ،،على ضوء الفانوس ،، كانت تتكلم أمّه دائما عن قريتهم وما فيها من خير ،،وتسأل : أين ذهب من كان فيها من الناس والخير ،،،

..تقول : كم تكثر الأوطان الجديدة في كلّ نكبة ،،ويقلّ الخير ،،فكأنما يخرج الناس من نفوسهم ،،يتمزقون كما تتمزّق النار في السماء شرارات كثيرة !!.

.

...وتذكرتُه وهو يمشي في الطين حافيا حول خيمة المدرسة ،، تصطك أسنانه من البرد ،،أو الغضَب ،،يمشي مُكشّرا لا يضحك وكأنما يقاتل في طريقه ،،عدوّا يجلس في الهواء ،،!

..وعرفت أنّه مات فقيرا أيضا ،،!لقد مرّ في الدنيا ولم يأخذ شيئا بيده ..! لم يذُق طعم الحياة وهو حيّ يمشي فيها ،،! كمن يمشي في النهر عطشانا ولا يشرب،،

... ومع ذلك سمعتهم يقولون :أنه مات ! ،،فهل كان حيّا .....!.

...وقلتُ وأنا أتخيّل نعشه الذاهب الى الموت الطويل: ..هي رحلتنا القاسية الأخيرة أيّها الأخ ،،،سنجتازها ضاحكين كما كنّا طاهرين ،،وتذوق الحياة مثل الناس اجمعين

ونظرت الى نعشه و أحسسْتُ ،،كأنّه يبتسم لنا ،،مع دمعةٍ تسيل من عينيه ...!!


.

.

عبدالحليم الطيطي

مواضيع ذات صلة

Previous
Next Post »